الفرق بين الجمعيات والأوقاف: أيهما أفضل لخدمة المجتمع؟ | دليل شامل في عالم العمل الخيري والمؤسسات غير الربحية، تُعتبر الجمعيات والأوقاف من أبرز الأدوات التي تسهم في تنمية المجتمع وتحقيق الأهداف الإنسانية. ورغم أن كلاهما يعمل في إطار الخير، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما تتعلق بالأهداف، التمويل، والإدارة، مما يستدعي التوضيح لفهم دور كل منهما بشكل أفضل.
تُعرف الجمعيات بأنها منظمات غير ربحية تجمع بين الأفراد الذين يتشاركون في تحقيق هدف معين، سواء كان اجتماعياً، ثقافياً، تعليمياً أو خيرياً. تعمل هذه الجمعيات وفق أنظمة قانونية محددة تخضع لرقابة الجهات الحكومية لضمان شفافيتها وكفاءتها. وتعتمد الجمعيات في تمويلها على التبرعات، الاشتراكات، والمبادرات قصيرة الأمد، مما قد يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالظروف الاقتصادية والتغيرات في تدفق التبرعات.
أما الأوقاف، فهي شكل من أشكال العطاء المستدام، حيث يتم تخصيص أصول أو ممتلكات معينة لخدمة أهداف اجتماعية أو خيرية دائمة. قد تشمل الأوقاف العقارات، الأراضي، أو الأموال المستثمرة التي يتم تخصيص عوائدها لدعم مشاريع مثل المساجد، المدارس، أو المستشفيات، النهوض الحضاري بالمجتمعات.
وتتمتع الأوقاف بميزة الاستمرارية، حيث تتيح تحقيق منفعة دائمة بفضل استثمار الأصول لتحقيق عائد مستدام. يُشرف على إدارة الأوقاف ناظر أو مجلس إدارة يضمن تحقيق شروط الواقف بأفضل شكل ممكن.
يكمن الفرق الجوهري بين الجمعيات والأوقاف في طبيعة عملهما؛ فبينما تركز الجمعيات على تقديم خدمات مباشرة للمجتمع مثل التعليم والرعاية الصحية والدعم الاجتماعي، تعمل الأوقاف على توفير تمويل مستدام لهذه الأنشطة من خلال استثمار ممتلكاتها. كما يختلف الهيكل القانوني لكل منهما، حيث تُنظَّم الجمعيات بموجب قوانين الجمعيات الخيرية أو المدنية، بينما تخضع الأوقاف لأنظمة الأوقاف التي تختلف بحسب الدولة وتتطلب توثيقاً شرعياً وقانونياً.
من حيث الإدارة، تخضع الجمعيات لإشراف هيئة إدارية منتخبة من قبل الأعضاء، ما يمنحها مرونة في التكيف مع المتغيرات، في حين أن الأوقاف تُدار من قبل ناظر أو مجلس إدارة يُعين وفق شروط الواقف، ما يضمن استمرارية عملها بعيداً عن التغيرات الدورية.
أما في الدور الاجتماعي، فإن الجمعيات تسهم في تعزيز التكافل الاجتماعي، وتوفير فرص تعليمية وصحية، وتنمية قدرات الأفراد، في حين تسهم الأوقاف في ضمان استمرارية المشاريع الخيرية، وتوفير دعم مالي مستدام للمؤسسات الدينية والتعليمية، وتعزيز الاستقلال المالي للمبادرات المجتمعية.
عند الاختيار بين تأسيس جمعية أو وقف، يعتمد القرار على الأهداف المرجوة؛ فإذا كان الهدف تقديم خدمات مباشرة للمجتمع بسرعة ومرونة، فإن الجمعية تكون الخيار الأنسب، حيث يمكن تشبيهها بأنها تعمل على “إطفاء الحرائق” عبر تقديم مساعدات فورية للأزمات والاحتياجات العاجلة. أما إذا كان الهدف هو تأمين تمويل مستدام لمشاريع طويلة الأجل، فإن الوقف هو الخيار الأمثل، حيث يوفر استدامة مالية لضمان استمرار الدعم على المدى البعيد.
في الختام، الفرق بين الجمعيات والأوقاف ليس مجرد تكامل، بل اختلاف جوهري في الدور والهدف؛ فالجمعيات تقدم حلولاً فورية وسريعة، بينما تعمل الأوقاف على تحقيق استدامة مالية للمشاريع الخيرية. وهذا الفهم يساعد في اتخاذ قرارات مدروسة تلبي الاحتياجات المجتمعية بفعالية واستدامة.
ويُعد وقف أويس القرني نموذجًا بارزًا للوقف التنموي المستدام في اليمن، حيث أنه