برّ أويس القرني بأمه: دروس في الطاعة والإحسان


برّ أويس القرني بأمه: دروس في الطاعة والإحسان يعد أويس القرني أحد أعظم التابعين الذين أُثروا في التاريخ الإسلامي بفضل عبادته وزهده، ولكنه ليس فقط معروفًا بتقواه، بل أيضًا ببرّه العجيب بأمه. قصة أويس مع أمه تُعد واحدة من أعظم الأمثلة في الطاعة والوفاء للوالدين في التاريخ الإسلامي، وهي درس لنا في كيفية الإحسان إلى الأم والقيام بواجبنا تجاهها بكل حب واهتمام. في هذا المقال، نستعرض قصة برّ أويس القرني بأمه وكيف يمكن أن تكون مصدر إلهام لنا في حياتنا اليومية.


أويس القرني وبره بأمه

كان أويس بن عامر القرني من قبيلة مراد في اليمن، وقد اشتهر ببره العميق بأمه التي كانت مسنّة وتحتاج إلى رعاية مستمرة. عاش أويس في فترة كان فيها البر بالوالدين من أعظم الفضائل التي يُحثّ المسلم على الالتزام بها. ورغم أن أويس كان يعاني من مرض البرص في صغره، إلا أن الله شفاه منه، سوى موضع صغير في جسده بقي عليه أثر المرض.

لكن أكثر ما اشتهر به أويس كان برّه بأمه. فقد كان على الرغم من حاجته للخروج إلى الكوفة، حيث كان يجتمع الصحابة، يرفض ترك أمه في حالتها الصحية السيئة. لم يكن له هم سوى رضا الله تعالى، وتقديم أعظم خدمة لوالدته.


الموقف الذي أظهر برّه العميق

ذات مرة، كان أويس يرغب في السفر إلى الكوفة، حيث كان هناك عدد من الصحابة الذين كان يرغب بلقائهم. ولكن أمه كانت في حالة صحية متدهورة، وكان ذلك يُعني أن أويس سيضطر للبقاء معها. ورغم رغبة أويس في السفر، إلا أن برّه بأمه كان له الأولوية. وبالرغم من أنها كانت تدرك حاجته للخروج، إلا أنها طلبت منه أن يذهب، وهو ما رفضه أويس بكل إصرار وقرر أن يبقى بجانبها.

كان أويس يرى أن طاعته لوالدته كانت أمرًا عظيمًا لا يمكن التنازل عنه، حتى لو كان ذلك يعني تأجيل آماله في لقاء الصحابة. هذا التضحية من أويس تُظهر لنا قيمة البر والطاعة وكيف أنها يجب أن تكون أولوية في حياتنا.


اللقاء مع الصحابة وتزكية النبي صلى الله عليه وسلم

في إحدى زياراته إلى الكوفة، التقى أويس القرني بالصحابي الجليل عمر بن الخطاب، الذي كان يعرفه من خلال الحديث الذي رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن من خير التابعين أويسًا القرني”. طلب منه عمر أن يستغفر له، وهو ما وافق عليه أويس بكل تواضع وطلب من الله أن يغفر له. هذا الموقف كان يعكس تواضع أويس ورغبته في خدمة الآخرين بكل صدق وإخلاص.


دروس من برّ أويس بأمه

لقد قدم أويس القرني دروسًا عظيمة في البر والإحسان، وكانت حياته مثالًا حيًا على كيفية تقديم الطاعة لله والوالدين. كانت أمه بالنسبة له أكثر أهمية من أي شيء آخر، بل كان عطاءه لها لا يُقدّر بثمن. وهذه القيم التي حملها أويس القرني تبقى مصدر إلهام لجميع المسلمين في كيفية التوازن بين حياتهم الشخصية وواجباتهم تجاه الوالدين.


خلاصة

برّ أويس القرني بأمه هو مثال يُحتذى به في التاريخ الإسلامي. فقد أظهر أويس بوضوح أن البر بالوالدين لا يجب أن يتوقف عند حدود معينة، بل هو عمل يتطلب التضحية والوفاء، حتى لو كان ذلك على حساب رغبات الشخص أو أهدافه. قصة أويس القرني تُظهر لنا أن البر هو طريق إلى رضا الله، وأن الطاعة للوالدين تبقى من أعظم الأعمال الصالحة التي يمكن أن يقدمها المسلم.

Shopping Cart
Scroll to Top