في مدينة إسطنبول الرائعة، ووسط أجواءٍ مفعمة بروح الإبداع، كان لي شرف المشاركة في الحفل الختامي للملتقى السادس لبرنامج “روّاد اليمن”، الذي نظمه وقف أويس القرني، حيث تلاقى الشباب اليمني على مائدة الفكر والعطاء والانتماء، حاملين في قلوبهم همّ الوطن وأحلام المستقبل.
لقد غمرتني السعادة وأنا أرى أبناء اليمن، طلبةً ونُخبًا شابةً، ينسجون من الغربة خيوط الأمل، ويحوّلون تحديات الواقع إلى فرصٍ للإبداع والعطاء، في مشهدٍ يختصر جوهر الهوية اليمنية التي لا تنكسر أمام الصعاب، بل تتجدد من رحم المعاناة قوةً وإصرارًا.
في هذا الملتقى الذي تزامن مع احتفالات شعبنا بثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين، شهدنا إطلاق مبادرتين رائدتين تجسدان روح الانتماء والولاء لليمن الأم: مبادرة “أمي اليمن”، التي تفتح الباب أمام كل يمني داخل الوطن وخارجه ليشارك في وقفٍ يخدم وطنه، ويترجم برّ الأبناء بأمّهم الكبرى: اليمن، ومنصة (YPx)، وهي منبر شبابي يجمع الإبداع بالريادة، ويركّز على تمكين الشباب اليمني وإبراز قصص النجاح التي تشكّل نواة الغد المشرق لوطنٍ ينفض عن كاهله غبار الحرب واليأس ويسعى لاستعادة حضوره بعد سنوات الحرب التي فرضتها عودة الإمامة بنسختها الحوثية الدموية الزائلة بإذن الله.
لقد أكدتُ في كلمتي أن اليمنيين عبر التاريخ كانوا روّاد الأوقاف والمبادرات المجتمعية، وأن الوقف الذي يُعنى ببناء الإنسان هو الركيزة التي تنهض بها الأوطان وتُصان بها القيم؛ فبقدر ما نبني الإنسان نؤسس لنهضةٍ حقيقيةٍ تُعيد لليمن مكانته الحضارية والدينية والإنسانية.
وإنّ ما يقوم به وقف أويس القرني مما اطّلعت عليه من جهودٍ نوعية في تمكين الشباب وتعزيز روح المبادرة، إنما هو امتدادٌ لذلك الإرث اليمني العريق في خدمة العلم والعمل والإنسان.
أحيّي القائمين على هذا الوقف المبارك، الذين جعلوا من فكرة الوقف مشروعًا وطنيًا جامعًا يوجّه العطاء نحو بناء الإنسان، ويفتح أمام المقتدرين من أبناء الوطن وأصدقائه آفاقًا رحبة للمساهمة في صناعة الغد.
وفي الختام، أثمّن لأبنائي وإخواني التكريم الذي حظيتُ به منهم في هذا الملتقى، وهي لفتة أعتزّ بها وأعدّها تكريمًا لوزارة الأوقاف والإرشاد وكوادرها، ولكل من يؤمن بأن الوقف شريكٌ في صناعة الغد اليمني المشرق.
لقد غمرني مشهد الشباب اليمني في إسطنبول تفاؤلًا بأن وطننا سيُبنى بسواعدهم، وسيستعيد مجده بتكاتفهم، وسيظل اليمن وطن الإيمان والحكمة والريادة، مهما اشتدت العواصف وتعاقبت المحن، ورغمًا عن أنوف مليشيا الكهنوت والخراب.
معالي الدكتور محمد عيضة شبيبة وزير الأوقاف والإرشاد